08 Oct
08Oct


نــــورهـــان كــاهنــــــة تكتـب:

اختفاء الصحفي السّعودي، جمال خاشقجي، مع دخوله حدود بلاده الدّبلوماسية مع تركيا هو تحدّ واضح للملكة العربيّة السّعوديّة لكلّ من برى قلمه وخطّ فبدت أبجديّاته حادّة قادرة على هزّ عرش سلمان، ملك أهل "اقرأ" وجلاّد كُتّابها ما إن يداعب صرير أقلامهم عقول الحاشية.

 

بعد " الوطــــن" و "الحيــــــاة"، لا وطـــن ولا حيـــاة:

لا تزالُ أصابع الاتّهام موّجهة إلى السّلطات السّعودية في حادثة اختفاء الصحفي السّعودي المعارض، جمال خاشقجي، منذ يوم الثلاثاء 02 أكتوبر 2018 مع دخوله مقرّ القنصلية العامة للمملكة العربيّة السّعوديّة في اسطنبول لإتمام بعض الوثائق الرسميّة بعد قراره بالاستقرار في تركيا حيثُ وجد الحريّة والحبّ:

فالحريّة لقلمه الذّي نجا من أيادي السّلطات الملكيّة السّعودية مع اقلاعه إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة ومنها إلى تركيا بعد أن شهد مساره المهني عرقلة من أصحاب القرار السياسي حيثُ اُقيل من صحيفة "الوطن" كما من صحيفة "الحياة اللندنيّة" بتعلّة ارتكابه تجاوزات ضدّ السّعوديّة.

أمّا الحبّ فلخطيبته، خديجة أزرو، التّي قادت اعتصاما أمام مقرّ القنصليّة رفقة بعض الصحفيين الأتراك بعد أن سبق وروّجت خبر اختفاءه متّهمة المملكة باختطافه واعتقاله قبيل ورود تصريحات لمسئولين أتراك على غرار المستشار الرئاسي، ياسين أقطاي، الذّي رجّح مقتله داخل القنصلية.

هذه التصريحات وإن تناقلتها كبرى وسائل الاعلام فإنّ السّلطات التركيّة مطالبة بتأكيد صحتّها من عدمها لاسيما في ظلّ تعامل "غير مسؤول" و "غير جدّي" من قبل سلطات المملكة السّعودية في التعامل مع الحادثة التّي تعهدّ الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، بمتابعة تطورّاتها وإجراءات التحقيق فيها شخصيّا، في خطوة قد تكون محاولة تركيّة لاسترجاع سيادتها، فالمملكة العربيّة السعوديّة في حال ثبت تورطّها في قضيّة اختفاء الصحفي خاشقجي وربّما قتله داخل قنصليّتها في تركيا، فإنّها  بذلك اعتدت على سيادة أنقرة واستباحت حدودها الدّبلوماسية وهو ما قد يسير بالعلاقات التركية السعوديّة إلى منعرجات خطيرة خاصّة في ظلّ التوتّرات التّي تشوبها نتيجة للأوضاع الاقليمية واختلاف موقف البلدين من الصّراعات القائمة.

اختفــــــاء خاشقجــــي وسعــــودة حريّــــــة التعبيــــر: 

حادثة اختفاء خاشقجي، جاءت بعد يوم من نشره تدوينة على حسابه الخاص على "تويتر" شكّك فيها بصحّة الاتّهامات الموّجهة إلى الخبير والمحلّل الاقتصادي السّعودي، عصام الزّامل، المعتقل منذ سبتمبر  2017 اثر شنّ الملك سلمان بن عبد العزيز حملة اعتقالات واسعة شملت حقوقيين ومثقفين وشخصيات ناقدة ومعارضة لنظام الحكم السّعودي ولرؤية 2030 الاقتصاديّة "الاصلاحيّة" التّي يتبنّاها وليّ العهد السّعودي، محمدّ بن سلمان.

هذه الرؤية الاقتصادية "الاصلاحيّة" يبدُو أنّها لا تهدفُ فقط إلى سعودة اقتصاد المملكة وفصله عن ثرواتها النفطيّة بل تهدف كذلك إلى سعودة حريّة التعبير والتأسيس إلى صحافة موالية لنظام ملكيّ لطالما واجهت سياسته الدّاخلية وكذلك سياسته الخارجيّة انتقادات حادّة، خاصّة فيما يتعلّق بتدّخلاته العسكريّة في اليمن وسوريا وكذلك اعلانه الحصار على قطر وتعزيز علاقاته، في المقابل، مع الجانب الامريكي ودوره في إمضاء صفقة القرن وإعلان واشنطن القدس عاصمة لحليفها "الإسرائيلي". 

تغطيــــــــة إعلاميّــــــة مُسيّســــــة؟

حادثة اختفاء الصحفي، جمال خاشقجي، واحتمال مقتله على يد مسؤولين من النّظام السّعودي، لقيت صدى اعلاميّا كبيرا حوّلتها إلى قضيّة رأي عام على مستوى العالم. هذه التغطية الاعلاميّة لتفاصيل الحادثة وحيثياتّها لم يكن لا شفّافا ولا موضوعيا وفق ما جاء في تصريح للمستشار القانوني، معتصم خاشقجي، عقب اجتماع عقدته العائلة الموسّعة يوم الأحد 07 اكتوبر بجدّة أكدّ فيه أنّ "بعض الدّول لديها أجندة خبيثة حاولت تمريرها من خلال هذه القضيّة قصد تسييسها ومهاجمة الوطن والإساءة إليه عبر أبواقها المسعورة وذبابها الالكتروني.

هذا التصريح الاعلامي ليس إلاّ تعليقا على التغطية الاعلاميّة لبعض القنوات التّابعة للدّول المعادية، والتّي بحثت كغيرها من الوسائل الاعلاميّة في تفاصيل الحادثة وحيثياتها مرجّحة مقتل خاشقجي على يد مسؤولين سعوديّين  داخل قنصليّة المملكة في تركيا.

إنّ المملكة العربيّة السّعوديّة وفي حال ثبت تورّطها في حادثة اختفاء الصحفي، جمال خاشقجي، ستجدُ نفسها في مواجهة تركيا التّي قد تسيرُ نحو احتضان أقلام معارضة لنظام بن سلمان في بحثها عن طريقة لاسترجاع سيادتها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة