09 Jun
09Jun


نـــورهــان كــاهنـــــة تكتب: 

مُحمليّن بأمال التّونسيين كما تراثهم وثقافتهم، شدّ القرطاجيّون رحالهم إلى روثينيا لخوض مُواجهات كأس العالم –في نسخته الحاليّة- بعد أن أزاحوا خصومهم الأفارقة بترشّح تاريخيّ عقب غياب تونس عن النّسخة الأخيرة لسنة 2014 وسابقتها سنة 2010. هذه التّظاهرة الرياضيّة في صبغتها العالميّة يبدُو أنّها ستتجاوز حدود المتعة الكرويّة –حتّى أنّها بدأت في ذلك- لتأخذنا في رحلة نحو ماض ينبعُ بتراث وثقافات كلّ بلدان المنتخبات المشاركة وحضاراتهم، حضارات ربّما تشوّهت بعض ملامحها نتيجة للعولمة وانفتاح الحدود الثقافيّة والشعوب على بعضها البعض لكنّ بلاد الرّوس تشهدُ مبادرات مصالحة ثقافيّة قد يُعاد على إثرها البريق لما صدأ من التراث.  

… عصفوران بحجر واحد؟ 

 نُفض الغبار عن لباسنا التونسي التقليدي في عرض نظمتّه الجامعة التونسيّة لكرة القدم بالاشتراك مع الاتحاد الوطني للصّناعة والتّجارة والصّناعات التقليديّة –قُبيل انطلاقة النّسور نحو روسيا- لتقديم الأزياء التّي صُمّمت خصيصا للاعبي المنتخب وكافة الإطار الفنّي والطبّي قصد الظهور به في روسيا في إطار التّرويج للسياحة والمنتوج التقليدي التّونسي وهو ما سيفتكّ من روسيا عجلة الاستقطاب والتأثير الأحادي فمثلما سيطغو –من دون شكّ- السارافان واليوشنكا وغيرهما من الأزياء الشعبيّة والاحتفاليّة الروسيّة على فعاليّات المونديال، ستسرق الجبّة التونسيّة وكذلك الشاشيّة الأنظار كما الأضواء لأناقتها وتصميمها الرّاقي.

أن تُعرض الأزياء التّقليديّة التّونسية في مسابقة رياضيّة على مرأى ما يزيد عن مليون نفر من الجماهير المتوقّع حضورها في موسكو هي بالفعل خطّة ذكيّة انتهجتها وزارة السياحة والصّناعات التقليديّة بدعم من وزارة شؤون الشباب والرّياضة خاصّة وأنّ تونس أصبحت الوجهة السياحيّة الأولى لأغلبيّة السيّاح الرّوس وبالتّالي فإنّ ترويجها للمنتوج التّونسي سيضمن توسّعها وهيمنتها على السّوق السياحيّة الرّوسيّة كما يعزّز إشعاعها على مستوى العالم خاصّة في ظلّ هيمنة نظريّة التأثّر والتأثير التّي سيطرت على النتاج الثقافي للشّعوب مع ظهور ما يعرف بثقافة الكلّ وبالتّالي فإنّ ثقافة المجموعة قادرة أن تستقطب الكلّ إذا تمّ التّرويج لها وتسويقها بطريقة جذّابة.


                                                                          الأزياء التقليديّة الرسميّة للمنتخب التّونسي


وعلى هذا الدّرب تسيرُ روسيا، البلدُ الحاضنة لفعاليّات كأس العالم، سواء عبر اختيارها -مسبقا- لشعار المسابقة  الذّي سبق وقيل أنّه "يُظهر روح روسيا وقلبها، ويعكس الثقافة الرّوسية" لما يحتويه من ملامح ورموز للرحلات الفضائيّة للروّاد السوفيات كما يعكس الاهتمام الرّوسي الكبير بكرة القدم من خلال الكرة السحريّة في أعلى الشّعار وأيضا بفنّ الرّسم عبر استخدام اللون الأحمر والأزرق والأسود والذهبي باعتبار أنّها تعود إلى الأساليب الفنيّة الرّوسية قديما، أو عبر اختيارها كذلك للمدن الإحدى عشرة التّي ستُقام بها المباريات والذّي تمّ على أسس تاريخيّة  نظرا لاحتوائها أماكن سياحيّة من شأنها أن تستقطب الجماهير وتسهم بالتّالي في ارتفاع مداخيل القطاع السّياحي.

صدق من شبّه مونديال روسيا بالعرس الرّياضي حيث سيجمع بين السّحر والأصالة؛ سحر كرة القدم وأصالة نتاج ثقافيّ قليلا ما نستحضره خارج محافلنا الشعبيّة والأعراس.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة